بقلم/ أحمد ضوا..
أطلق برنامج الأغذية العالمي، تحذيراً حول معدلات ما سماه الجوع في سوريا وبلوغها مستويات قياسية، بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي المزمن متساءلاً: هل هذا ما يريده المجتمع الدولي بغض النظر عن توقيت هذا التحذير ومدى دقته ومطابقته للواقع ووقعه على المستويات السياسية والاقتصادية والإعلامية، فهو يقول نصف الحقيقة للعالم، تاركاً النصف الآخر عرضة للتلاعب وشن الحملات الدعائية ضد الحكومة السورية، ولذلك كان لزاماً على المدير التنفيذي للبرنامج يفيد بيزلي أن يبين على الأقل الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي في سوريا.
يجمع كل المسؤولين في المنظمات الدولية أن سوريا قبل العام 2011 كانت من أولى الدول التي حققت الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وكانت تقدم المساعدات للدول المحتاجة في المنطقة، وخاصة من مادة القمح.
وكذلك الأمر كانت سوريا مكتفية في حوامل الطاقة، وتصدر الكهرباء والغاز إلى الدول المجاورة، وخاصة الأردن والعراق ولبنان وأحياناً تركياً، ولديها برنامج طموح لتلبية الاحتياجات من الطاقة لعام 2050.
إن الحرب الإرهابية على سوريا التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون وأدواتها في المنطقة استهدفت بالدرجة الأولى البنية التحتية لقطاع الطاقة في سوريا ومشاريع البنية التحتية المتعلقة بالإنتاج الزراعي في المناطق الحيوية الجزيرة السورية، درعا، الرقة وريف حلب… وهو ما أدى تدريجياً إلى تراجع الإنتاج الزراعي، وعندما فشلت الحرب الإرهابية على سوريا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية اتجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الإرهاب الاقتصادي، وقامت باحتلال البقعة الجغرافية الغنية بمصادر الطاقة والإنتاج الزراعي في سوريا، ومن ثم القيام بنهبها وسرقتها، خلافا لكل القوانين الدولية من دون أن تجد أي انتقاد من المنظمات الدولية على هذه الأفعال.
لم تكتفِ واشنطن بذلك، وعندما وجدت أن أفعالها هذه لم تفض إلى تحقيق مشروعها العدواني في المنطقة قامت بفرض حصار اقتصادي غير مسبوق على الشعب السوري يطول جميع أوجه حياته واحتياجاته الصناعية والصحية والإنسانية والاقتصادية والمالية، والحديث يطول عن تأثير هذا الحصار الجائر على المجتمع السوري والمعاناة الشديدة التي يتسبب بها للسوريين جميعاً دون استثناء.
إن المسؤول الأساسي عن هذه المعاناة والعوز في سوريا هم رعاة الإرهاب بالقيادة الأمريكية، وكان يجب على برنامج الأغذية العالمي أن يقول هذه الحقائق، ويطلع دول العالم عبر دوره عليها، وليس فقط التلميح البعيد عبر الاكتفاء بالقول هل هذا ما يريده المجتمع الدولي؟ لا شك أن الشعب السوري يعاني أشد المعاناة ليس بسبب نقص المواد الغذائية، بل جراء انعدام النفط والغاز اللذين تقوم الولايات المتحدة بنهبهما وبيعهما في السوق السوداء.
كذلك الأمر فإن معاناة السوريين ليست ناجمة عن قلة الحيلة أو انعدام المبادرات وغياب الخطط، بل بسبب الحصار الاقتصادي والمالي المفروض على الشعب السوري، والذي يرتب أعباء مالية واقتصادية كبيرة فقط من أجل استيراد احتياجات الأدوية والصحة وبعض المواد الأساسية. وأيضاً إن الفقر في سوريا لا يعود لأسباب اجتماعية أو بنيوية أو تشغيلية بل جراء رفض رعاة الإرهاب إعادة إعمار سوريا.
إن مطالبة المجتمع الدولي للولايات المتحدة بوقف نهبها وسرقتها للموارد الوطنية السورية كاف لحل جانب كبير من المشكلة التي يتحدث عنها برنامج الأغذية العالمي، حيث يفسح ذلك أمام الحكومة السورية لتحويل الأموال المخصصة لاستيراد النفط والغاز إلى جوانب النقص الأخرى وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها الإرهاب.
تقع على المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني والغذائي مسؤولية رفع الصوت، وإعلام العالم أن رعاة الإرهاب بالقيادة الأمريكية هم المسؤولون عن معاناة الشعب السوري، وعدم الاكتفاء بالرسائل الناقصة، خوفاً من عواقب التحكم الغربي بالأمم المتحدة.