بقلم/ الدكتور علي أحمد الديلمي..
مع بداية حروب صعدة ودخول أنصار الله (الحوثيين) الى العاصمة صنعاء، واندلاع الحرب في اليمن، تزايد المحتوى الإلكتروني، وخطاب الوسائط التقليدية باليمن، في التحريض على كراهية بعض الجماعات وبعض العائلات اليمنية، وكأنهم السبب الرئيسي في كل ما حدث في اليمن، يأتي ذلك من خلال معلومات مضللة، تتم مشاركتها بسهولة بواسطة الأدوات الرقمية والوسائل التقليدية، وفي العادة تكون موجهة بشكل سياسي للنيل من الخصوم، وتارة أخرى تخضع لأدوات استخباراتية لديها اهداف معروفة، وهو ما يثير تحديات غير مسبوقة لمجتمعنا اليمني، حيث يكافح الكثير من اليمنيين والذين يعملون بإيمان حقيقي، للضغط من أجل فرض القوانين الوطنية وسلطة الدولة، في نطاق كامل التراب الوطني بما يكفل عدم تصاعد الانقسامات داخل المجتمع الواحد وتحميل طرف أو جماعة بمفردها كل المشاكل التي حدثت.
العنصرية والكراهية كابوس فتاك وبذرة شر لا مكان لها في المجتمع القوي المتسامح المتعايش الحالم بحياة كريمة وعادلة، وقد سمّى الله تعالى معالجة التعصب ومساعدة المتعصب للخلاص مما هو فيه، نصراً فقال أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فلا يمكن لأي أنسان عاقل أن يقبل بظلم أي أنسان أياً كان عرقه أو أصله أو دينه، فهي الفطرة السليمة التي فطر الله الانسان عليها.
إن الهجمة الشرسة والعنصرية التي تطال بعض اليمنيين من بعض متطرفي الفكر وقلوب الأحقاد، لا تخدم السلم الاجتماعي للوطن، وتشوه سمعته الحضارية والتاريخية، وبالتالي فإن الحل للتمييز العنصري والنفور من الآخر وسائر مظاهر عدم المساواة ينبغي أولا وقبل كل شيء، أن يعالج الأوهام العقلية التي أفرزت مفاهيم زائفة على مر آلاف السنين عن تفوق جنس على آخر من الأجناس البشرية.
كما أن الحقد والعنصرية غير مبرر ضد أي شخص أو جماعة خصوصا من قبل المثقفين والسياسيين وبعض الاعلاميين وقادة الأحزاب السياسية وغيرهم، وأقصد بالمثقف هنا من يُطلق عليه مثقفاً سواءً كان مفكراً أو كاتباً أو شاعراً أو فناناً أو سياسياً يدعي الثقافة ويدعو للعدالة والمساواة والديمقراطية لجميع البشر، فنحن نشاهد هؤلاء المثقفين المصابين بالمتلازمة، يمارسون عنصريتهم في اليمن، بشماله ووسطه وشرقه وغربه، بل حتى بين مثقفي الاغتراب الذين حملوا أحقادهم معهم حيث حلوا، ولأن ظاهرة الحقد والعنصرية بهذه الشمولية، أصبح التعميم ضرورة لكشف هذا القبح الذي يلوث عقول المثقفين، ويظهر بين الفينة والأخرى في طروحاتهم أو أشعارهم أو من خلال المقابلات معهم، أو في مواقعهم على الإعلام الرقمي إنها عنصرية بغيضة تلوث ما يحملونه من فكرٍ أو إبداع.
نجحت العصبيات في تدمير النظام المشترك بين جميع اليمنيين، وأصبح النظام قائماً على الدفاع عن القضايا المناطقية والعصبوية من جميع القوى السياسية والحزبية، وتشهد اليمن اليوم في ظل الحرب وغياب سلطة الدولة الواحدة إلى أكبر انقسام سياسي ومناطقي واجتماعي ومذهبي.
لكن يظل في مقدورنا في كل يوم ولكل واحد منا، الوقوف في وجه الحقد العنصري والسلوكيات المتعصبة، فلنبنِ اليمن الجديد، بعيداً عن العنصرية والتمييز، حتى نتمكن جميعا بممارسة حقوقنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
اليمنيون اليوم بحاجة إلى العمل الجماعي المشترك في محاربة كل اشكال التمييز والمحسوبية والعصبية والعنصرية، وفي بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون التي تحقق العدالة والأمن والاستقرار للجميع، وهذا هو المطلب الذي يشترك فيه كل اليمنيين.