رقابة آلـ الصباح تمنع عرض «الرحلة 422» على الشاشة

 

 بقلم/ د. ابتهال الخطيب..

اختفى مسلسل «الجابرية: الرحلة 422» من على منصة شاهد كما تختفي الحريات العربية وأحياناً المنادون بها، واختفى الجدل الحاد الذي كان دائراً حول المسلسل في وسائل التواصل كما تختفي كل اهتماماتنا بقضايانا العربية بعد حين، حين نغوص عميقاً في حيواتنا اليومية ومشاغلنا البسيطة الساذجة وننسى ما كنا نصرخ به ونعترض عليه. انتصر الرقيب والرقباء مجدداً وسيطرت العلاقات السياسية على المشهد الفني ليختفي هذا العمل «جبراً للخواطر السياسية» وإخماداً للضجة الإلكترونية التي لا تتعدى كونها أزيزاً فارغاً سرعان ما سيخمد، استمر المسلسل أو اختفى. اختفى المسلسل، لن نعرف البقية الباقية من زاوية طرحه، لن نستمتع بالتحاور حول أخطائه والسخرية من أداء بعض ممثليه والنقاش حول الأحداث الجادة ووجهات النظر الخطرة والجدلية التي يطرحها. اختفى المسلسل ومعه كل ما كنا نقول، معه كل الاعتراضات والسخريات والجدالات والحوارات حول الذي كان والذي يجب أن يكون، وأطبق الصمت الذي يعشقه عالمنا بحكوماته وشارعه، الصمت تجاه «المواضيع الحساسة» و»الشؤون الداخلية» و»أسرار البيوت» و»القضايا المحرمة» إلى آخر القائمة المرصوصة بكل قضية حقيقية تستحق النقاش والنقد والتدقيق.

لربما أفضل ما قدم المسلسل هي جرأته «المحدودة» ولكن غير المسبوقة في الطرح، هي تلك اللمحة الطبيعية في الحوار، كمثل تلك الجُمل الناقدة سياسياً التي يقولها الناس في حيزاتهم المغلقة، والتي نفتقدها كثيراً في أعمالنا الفنية غريبة الشكل والإخراج، حيث تتبادل فيها الشخصيات حوارات غريبة كأن من يكتب آخر جملها ينسى ما كتب في أولها، كما ويتعامل بعضهم مع بعض بشكل مستغرب، فالمتزوجون والأقرباء مثلاً في تلك الأعمال الفنية لا يتبادلون أي إشارات عاطفية حقيقية، حيث يؤدي الممثلون عن بعد وبتحفظ يضفي طابعاً كوميدياً غرائبياً على معظم الأعمال المعروضة. لقد أعطت لمحة الجرأة المقدمة في المسلسل، بكل أخطائه ومثالبه والتي بعضها كان يسير التفادي، طعماً آخر وقيمة أخرى. ولو لم يضغط المسلسل بجرأته تلك على بعض الجراح الموجعة، لما أحدث كل هذه الضجة التي كان يفترض أن نركب موجتها لنصل بها إلى الشاطئ، حيث نجلس في دائرة كبيرة مستديرة نتناقش ونتعارك ونفهم تأريخنا وحاضرنا وأنفسنا.

قد يعجبك ايضا المزيد عن المؤلف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.